فصل: أرجوزة الحجّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب (نسخة منقحة)



.أرجوزة الحجّ:

قال أحمد بن عيسى الرَّادعي رحمه الله:
أول ما أبدأ من مقالي ** بالحمد للمنعم ذي الجلال

والمن والآلاء والإفضال ** والملك والجد الرفيع العالي

عدَّ خليلي كم مضت ليال ** من شهر ذي القعد مع شوال

ثم أنم بالكور على شملال ** عيدية أو قطم ذيَّال

قد دق منه موضع الحبال ** ثمّت ناد القوم بارتحال

فتيان صدق من بني أبيكا ** فإنهم أولى بما يعنيكا

واسرع القوم لما يرضيكا ** إني سأصفيك الذي أصفيكا

فاسمع إلى قولي إذا أوصيكا ** أوامرا أضعاف ما يوليكا

من تره يرغب ويزدد فيكا ** ثم ادع ربّا مالكا مليكا

فإنه أجدر أن يكفيكا ** وقل صحابي ارتحلوا وشيكا

قال وينشد:
فإنه أجدر من يكفيكا

يقول بعض العرب في عبد الملك: عبد المليك، قال ميمون بن حريز:
قلم يردي صخرة ملمومة ** ويجاري في العلا عبد المليك

حتى إذا هشوا إلى الرّحيل ** فإنهم بكور الميس والشليل

متن هجان هوجل مهيل ** لم يطمها قين على فصيل

ولم تعطّف قبل الأصيل ** على حوار لا ولا أفيل

ولم تضع للقطم الفحيل ** فالحش فالأغوال فالغليل

هذه خمسة مواضع بعروش رداع، مهيل أي يهيل من يراها، لم يطمها: لم يذمرها إذا طمت بالحوار.
بالأجرعين فحمى أكراب ** فالضمانين إلى الشَحباب

فأحرما منها إلى الثَّعلاب ** مواطنا مكلئة الجناب

ثم إلى حبَّان ذي الحدّاب ** مصدرها عن مشرع الترحاب

ثم إلى غربيَّة الأنصاب ** ألف صفايا كرعان الحاب

جادلها محلولك السحاب ** بمتلئبٍّ غدق التَّسكاب

فهي علنداة عنود كلما ** هيَّجها الراعي إذا ترنما

شبهتها العير المصك المصدما ** جادلها الدلويُّ لما اثجما

واحتلب النوء السماك المرزما ** ببارق عال إذا تضرّما

أو راعد ديمّ ثم دمدما ** فاكتهل النبت به فأنعما

صفرا وحوذانا وبقلا منجما ** وصلِّياناً ونصيبّاً اسحما

هذه ضروب من النبت، وشبه الناقة بحمار الوحش.
هذاك مرعاها وطلح وغرز ** وثيّل حفت به ذات الحفز

وعقبة باقهر من ذات الشرز ** فالمتن قد دخس منها فاعترز

والكبر قد صعَّد علوا فنشز ** وأضمز الأخدع منها فضمز

وذابل المرفق أبدى فبرز ** بعضد لكاء... فاكتنز

فهي كسيد البيد عند المغتمز ** عجلى إذا الراكب في الغرز احتفز

شبه الناقة بحمار الوحش، والغرز ركاب الرحل والغرز حيث يهمز بعقبه، وأضمز طومن وضمزت الناقة على جرتها أطبقت لحييها، وذكر العضد ها هنا وقد أنثها في موضع ثان فقال بعضد لكَّاء، والسيد الذئب، يقول كلما يغرز رجله في الرّحل تثب كما قال ذو الرمة:
حتى إذا ما استوى في غرزها تثب

ها تلك بالغادي أمام الركب

كوماء قد أوفت تمام الحقب

في مرتع رغد وعيش رطب

تستن في فىءّ فناء رحب

في مشرع عذب ومرعى خصب

في ذاك لا تحنو لصوت السقب

إياك ادعوا فاستجب يا ربي

أنت رجائي ثقتي وحسبي

وصاحبي في بعدي وقربي

فاغفر لي الذنب وصاحب صحبي

المرتع المراد الذي ترتع فيه أي ترد، وتستن: تسوم يقال أعطوا الركاب اسننها ورتع في سنه قصده ومن ذلك سر على سننك أي سمتك والسنن الجري على ثبات، والحقب الوقت الطويل، والركب موضع.
أدعوك ياذا السؤود الممجد

وذا العلا في عزه المؤبّد

من لم يزل قدما ولم ينفد

ولم يلد ولداً ومن لم يولد

صل على الهادي النبي المهتدي

على النبي المصطفى محمد

وابعثه ياذا المن يوم المشهد

مقامه المحمود غير الأنكد

وأعطه من عزك المؤبد

حظاً ممضاً لقلوب الحُسّد

واخلفه في عترته وآله

رب ومن والاهم فواله

وزده إجلالاً على إجلاله

وابسط عليه الرزق من حلاله

وأعطه منك الثرى في ماله

رب ومن عاداهم فقاله

بفعله يا رب أو مقاله

وخذه في العمياء من ضلاله

واحتل به يارب في احتياله

وحل به يا رب عن مُحاله

.دعاء السفر عند المخرج:

يا رب يا منزل آيات السُّور

اغفر لنا الذنب فأولى من غفر

ثم اكفنا الهزل ووعثاء السفر

والسوء من منقلب عند الصّدر

واطو لنا البعد وبارك في الأثر

وعافنا يا رب من سوء النظر

في الأهل والمال ومن سوء القدر

وسهِّل الحزن ومحذور الضجر

يا صاح قم فارحل ودع عنك الفكر

وقل إله الخلق جنبنا العسر

الذنب يريد الذنوب كما يقال: هو جعد الشعرة يريد الشعر، وعثاء السفر: العنت.

.أول مسيره:

ثم انده العيس بزجر ماض

ذي عنق لا هدج الإيفاض

وادع إلى الله الجليل القاضي

مبرم أمر الغيب والتقاضي

يا رب فاصرف حدث الأعراض

عن صحبتي وعرض الأمراض

ثم القنا منك بوجه راض

حتى إذا مرت على الفراض

بحيث فاض السيل ذو الأفياض

بخضرٍ ذي الروض والرياض

هذه مواضع بين دراع واسبيل، والعنق والهدجان والإيفاض ضروب من السير.
قال به القوم ضحى وودعوا

وقيل للركب الذين شيعوا

قوموا فحيوا صحبكم ثم ارجعوا

فباح بالشوق عيون تدمع

ثم ازلأمت قلّص تلمّع

كما ازلأمت قطوات وقَّع

وكبر القوم معاً واستجمعوا

وصعد القوم لعنس مطلع

بحيث يرفض الكريف المترع

ثم الهروج وعليه المشرع

أي كمطير القطا من قراميصها، يروى:
ثم ازلأمت بكرات تضلع

ويروى: ثم ازلأمت طلقا تلمّع: والملمع مسير فيه تلدد إلى خلف، والكريف جوبة عظيمة في صفا يكون فيها الماء السنة وأكثرن والهروج موضع بلد عنس من مذحج.
ثم معشِّى ليلها أسيّ

حيث بنى حمّامه النَّبي

حتى إذا ما وقع المطيُّ

وقام يلحى نفسه الكرى

وجنَّه ليل له دويُّ

هبت كما هب القطا الكدري

عن ظهر شوكان لها خويُّ

ينصها حاد قراقري

همته الإدلاج والمضيُّ

ثم المضحَّى المنهل الروي

حمامه يريد حمام سليمان بن داود عليه السلام، خوي أي امتد في الأبواع، ومنه خوى للصلاة أي تفتح وهوى البعير أي تفتح باركا، قال امرؤ القيس:
كالنخل من شوكان حين صرام

ذو حدب ثم المعشَّى الثاني

يكلى ومعداها علي سيَّان

وقد قضت من أبؤر الخولاني

أوطارها عن مشرع ريان

قد حف بالخوخ وبالرمان

وهمها بالسير ذي الإذعان

صنعاء أعني جنة الجنان

بحيث شيد القصر من غمدان

أرض التقى والبر والإحسان

بها مقيلي وبها إخواني

قال: ابؤر وهو يريد بئر الخولاني لأن الموضع يسمى بهذا الاسم وفيه بؤور كما قال: إلى الكثيبات طريقا قد حكم. والكثيبة واحدة، وكذلك يقول العرب: أخذنا طريق الشقرات وهي شقرة واحدة، وأخذنا طريق الدحاض إلى نجران وهما دحضتان قال آخر:
إذا اعتلين الدحضتين فالركب ** فقد رضين بالونى وباللغب

صنعاء ذات الدور والآطمام ** والقدم الأقدم ذي القدَّام

والعزِّ عن ذي السطوة الغشام ** أسَّت بعلم لابن نوح سام

بعلم ربّ ملك علاّم ** إذ رادها سام بلا توهام

ورادها من قبل ألفي عام ** ما بين سفحي نقم النقام

وبين عيبان المعين السَّامي ** فأسَّها في سالف الأيام

الآطام الحصون المرتفعة من الطين فشبه بها منازل صنعاء لارتفاعها، والقدَّام الملك، وذو السطوة تبّع، وذكر أن أول من بناها بعد الطوفان سام وأنها عمرت بين آدم ونوح ألفي عام، ونقمّ وعيبان جبلا صنعاء.
فهي بقول العلم غير الشّك ** محتدم العلم ودار الملك

وعصمة المأزول حتى الدّك ** أما ومجري ماخرات الفلك

اليةٌ ما شبتها بالإفك ** لقد علت صنعاء دار الشرك

في الدهر عن عز معين مشكي ** وأصبحت معدن أهل النسك

سقيا لصنعاء بجود حشك ** وأردفت عزاً رفيع السمك

المأزول من الأزل الخائف ويقول: إنها علت دور الشرك في الجاهلية وعلت في الإسلام بنسك أهلها.
بلاد ملك ضل من يقيس ** أرضا بصنعاء لها تأسيس

ما لم يعدَّ الحرم الأنيس ** أرض بها غمدان والقليس

بناهما ذو النجدة الرئيس ** تبع ملك وبنت بلقيس

فهو البناء الأقدم القدموس ** بقول صدق ما به تلبيس

إن صرحت شعواء دردبيس ** والعز فيها والنَّدى والكيس

ويروى:
يخضب شرح وبنت بلقيس

غمدان والقليس محفدا صنعاء وقد ذكرنا أخبارهما في كتاب الإكليل.
صنعاء جادتك السحاب السود ** بمكفهر ودقه مهدود

أرض بها لي الوطن المعكود ** إخوان صدقٍ سادةٌ شهود

أفعالهم سعي الندى والجود ** فهم بها شم سراة صيد

ناديهم مجلسها المشهود ** بحيث أولى البرد المعدود

ثاوٍ طوال الدهر لا يبيد ** يسأل عنها الوالد المولود

مهدود أي مهتون منهزم، وكذلك عارض منهزم ورعد هزيم قال الأعشى:
فجاء بهم جارف منهزم.
إن رابها من حدث الزمان ** ريب عدو حرب الأضغان

قام فحامى دونها حيَّان ** قحطان والأحرار من ساسان

قبيلتا صدق إذا ما الجاني ** اشعل نار الحرب بالإعلان

كانوا كأسد الغاب من خفَّان ** ظلت بها غير المضلِّ الواني

قرير عين بصلاح شاني ** في فتية مثل القنا المران

حتى إذا ما ارتفع المقيل ** وحان منها ودنا الرَّحيل

أجمرن بالقوم قلاص حول ** وادي شعوب وبه المسيل

فالحصبات ولها ذميل ** ثم الجراف ولها زليل

عن أنجد المقدم ما تميل ** فبالرحابات لها غليل

بالقصر منها موقف قليل ** مثل السعالى وخدها اترسيل

يروى:
خيل من الخيلاء خائل وخوّل

وخيل شاذ، يريد الحصبة والجراف وبنات المقدام ورحابة وقصر خوّان وخوذان أسود إلى جنب أعرام.
وهمُّها القصر المسمى بعمد ** ومرمل الثاني لمعمود البرد

ثم على الحيفة بالسير المجد ** لذي عرام مزلئمات قصد

ثم إلى ريدة سيراً فأراد ** للمنهل الرَّيِّف في السهل الجدد

ريد سقيت الغيث جوداً من بلد ** أرض بها العدُّ العديد والعدد

والأمن لا يبتز فيها من أحد ** فلا تزل عامرةً طول الأبد

يريد قصر عمد ومرمل والحيفة وأعرام البون وريدة، والمنهل يريد بركة ريدة ليس في اليمن بركة يدور حولها ألف جمل سواها.
وقد قطعنا حقلها وطوله ** السبسب المهمه ذا السهوله

ثم ترفَّعنا نؤم الغوله ** بها البريد صخرة مجدوله

خرساء صماء وهي مسؤوله ** يا رب فاجعل حجتي مقبوله

ثم اكف صحبي الكرب المهوله ** ومن عجيب فقنا محموله

صعوبة واطو لنا نزوله ** وبلغ الرُّكبان والحموله

يريد منزلة عجيب الغولة شعب عظيم له غول أي عمق، وقوله في صخرة البريد إنها مسؤولة أي يقرأ عليها من الكتاب، وعجيب منقل رفيع مصلول للركب في المحامل عليه.
وما عجيب لو ترى عجيبا ** رأيت طوداً شامخاً مهيبا

لا موطناً سهلاً ولا قريبا ** صخراً صلخداً صُلَّبا صليبا

ينضي الرِّباع السلس النجيبا ** والخف قد يرى به تنقيبا

فكم ترى مبتهلا منيبا ** لا يسمع الداعي به المجيبا

مع كثرة الزجر ولا الترحيبا ** يسلي الحبيب ذكره الحبيبا

أي يظهر فيه تنقيبا، ويريد لا يسمع لداعي المجيب ولا الترحيب مع كثرة زجر الإبل والحدء.
حتى إذا مرت بنجد الضين ** عامدة جرفة أو ذاقين

لا تتشكى الغرض ذا الوضين ** هاج لها من عدج الحنين

ألافُها لم تحن للجنين ** يا ناق هذا الجد فاسمعيني

المارن المحصد في يميني ** أو تشرقين بدم الوتين

ثم ازلأمت كمهاة العين ** في قلص يمعجن كالسفين

عدجت مثل سجرت بالحنين، نجد الضين، وجرفة، وذ وقين مواضع بين الخارف ووادعه.
ثم بدت للركَّب والرَّكاب ** أثافت مزهرة الأعناب

بها البريد حفَّ بالجواب ** ثمت ناديت إلى أصحابي

شيب وشيبان كأسد الغاب ** روحوا على الجبجب ذي الجبجاب

ثم على المصرع من أشقا ** ثم انيساً غير ذي ارتياب

إلى نقيل الفقع ذي العقاب ** إلى الحواريين في اقتراب

أثافت وهي أثافة بلد الكباريين، والجوب جوب في الصخر مخلوقة، والجبجب والمصرع واشقاب وأنيس مواضع في بلد السَّبيع، والفقع نقيل، والحواريان نقيلان صغيران بين وادعة وبكيل وأهل خيوان.
ثم الصَّلول فإلى خيوان ** أرض الملوك الصَّيد من همدان

بني معيد وبني رضوان ** والمنهل المخصب ذي الأفنان

ما شئت أبصرت لدى البستان ** من رطب وعنب الوان

ومن جوار شبه الغزلان ** لم أرنها من شهوة الغواني

لكن دعاني عجل الإنسان ** ثم تروَّحنا إلى بوبان

الصَّلول نقيل إلى خيوان وأهل خيوان هم آل أبي معيد من بني يريم بن الحارث وبنو رضوان وآل أبي عشن وآل أبي حجر وبقايا آل خيوان بن مالك، وجواري خيوان ونجران متعالمات بالنفاسة والصباحة والدلال ومولد الخيزران أم موسى الهادي والرشيد بنجران. ثم بيعت إلى جرش ثم إلى مكة.
نؤم في السير نقيل الأدمه ** بها البريد صخرةٌ مقوّمه

وقد قطعنا قبله جهنمه ** وطمؤاً بالقلص المقدمه

وقد جعلنا مقدم المقدمه ** فتيان صدق كليوث الملحمه

على قلاص سلس، مصتّمه ** للقوم بالليل عليها همهمه

يلزمن من بركان كل ملزمه ** ومن عيانٍ وعثه وأكمه

جبل الأدمة بين بكيل ووادعة، وجهنم بئر في أسفله، وطمؤ بلد لبنى معمر بن الحارث بن سعد بن عبدود بن وادعة، وبركان وعيان بلد بني سلمان من أرحب، مصتمة صحيحة الأحساب غير مولدة ومن ذلك الحسب الصتم وألف صتمٌ غير منكسر.
وقد قطعنا قبله شبارقا ** وطالعا وقبله شمالقا

وانصعن من عظالم حزائقا ** معانقاً يحيين ليلاً غاسقاً

حيث البريد لم يكن مفارقا ** فوردت من ليلها الغرانقا

نمت فلاقيت خيالاً طارقا ** من طيف هند، بت لي معانقا

واسترجعت عيني حبيباً شائقاً ** تستلب النوم وتضني العاشقا

شبارق وطالع وشمالق وعظالم والغرانق وهو ماء بالعمشية وهذه مواضع الهجن من أرحب وهم ولد ذعفان وأمهم غرايب فسموا بذلك الهجن بتحريك الجيم وكذلك الهجن من طيء وغيرها.
ثم زجرت نومة الرِّياب ** بقول: قوموا فارحلوا أصحابي

فانتهضوا نشوى بلا تشراب ** إلى نواح سرح الهباب

للحلويِّ النجد ذي الهضاب ** فالعمشيَّات بلا تآبى

ثم عميشاً فاعسفوا أحبابي ** مرَّاإلى مجزعة الغراب

ومن سنام رفض الهضاب ** الماس ماس الريح ذي الإذهاب

الرياب مستثقلوا النوم قال بشر بن ابي خازم: فالفاهم القوم روبى نياما والحلويات نقيلان، والعمشيات بلاد فضاء، وعميش موضع فيه ماء، ومجزعة الغراب موضع، وسنام والماس أكمة سوداء وكل هذه المواضع من بلد الهجن من أرحب.
ثم على الحبط بسير متعب ** إلى بريد الصخرة المنصب

لى خطارير مذاب فادأبي ** ثم إلى العقلة قرباً فاقربي

ثم انده العيس بزجر تطرب ** أمّاً إلى الأعين ذات الأعلب

والشَّرع المخصب عذب المشرب ** وتحت رحلي من بنات الأصهب

دوسرةٌ مثل اللياح الأقبب ** تعتسف السبسب بعد السبسب

الحبط: ماء في واد لاينزح، وخطارير أكمةٌ طويلة ترى من رأس جبل حضور ورأس جبل مسور، والعقلة عقبية وتسمى الخطوة، والأعين عين ماء وعقبة، والأعلب جماعة علب يريد السوائل وهي آخر بلد همدان وحد بلد خولان، واللياح ثور الوحش والأقبب طويل الرَّوق.
حتى إذا أفضت إلى وادي أسل ** وجاءت السهل وخلاها الجبل

قلت لها ةهي تشكى الميس: حل ** ما هو إلا الحلّ ثم المرتحل

ثم ازلافٌ لمحل عن محل ** ودلج الليل وإغفال الكسل

وعسف تهجير إذا الظل اعتدل ** ما سلمت نفسي وعدَّاها الأجل

أو تردي بكة للبيت الحل ** فانجذمت هوجاء كالسِّمع الأزل

سل ظاهر يسكنه من خولان بنو حمرة والحناجر من همدان، وقوله لها حل يريد حلي من زجر النوق، وعداني خلفني، والسِّمع الأزّل الدَّميم وقيل لما كان مؤخر أزلَّ من مقدمه اي انقص.
فقلت يا ناق بجد فاعمديفانجرت مثل الهجان المفرد
تعتسف الفدفد بعد الفدفد ** والصَّيهد الأجرد بعد الصَّهيد

حذرملويٍّ ممرٍّ محصد ** طوت تباراً بعد وادي المطرد

كأنها بعد منام الهجر ** سفينة البحر العظام المزبد

تجور أحياناً وحيناً تهتدي ** يا ناق ما يعنيك جورٌ فاقصدي

قوله: يا ناق أي ناقة فرخم، والهجان ثور الوحش، والصهيد القاع المطمئن فيه الحرُّ ويصخد، والممر السَّوط، وتبار ووادي المطرد موضعان من أسل.
فشمَّرت إذ ضمها الوجيف ** عن الخيام ولها حفيف

يسمع من سديسها الصريف ** كالفحل أومى نحوه العسيف

كأنّها والطَّرد العنيف ** بحيث أسّت دارها ثقيف

ذو خدم في ظهره توقيف ** أجدل يبغي صيده نحيف

أو أرِنٌ و عانة لطيف ** جادله بالأجرع الخريف

الخيام موضع وقرية ثقيف بأسل، يقول كأنها فحل الإبل إذا طمع بخطمه الأجير، وذو خدم صقر موقف الجناحين، والأرن حمار الوحش وذو خدم أي ذو خدمة مخاليبه والواحدة خدمة.
بمكفهر ذي نشاص ماطر ** بادره من وغل الحناجر

كالعير من خوف القنيص الشاخر ** إذا أحسست زجرات الزاجر

إذا دنت مهرية الأباعر ** الوت برحل المدلج المسافر

قد قطعت بعد منام السامر ** سوائل الخانق ذي المآثر

بحيث معتدّ لبريد السامر ** مأمورة في قلصٍ ضوامر

وغل الحناجر موضع بأسل، والحناجر من وادعة، والوغل بين الشعب والوادي، ويريد كالعير الشاخر يمر خوف القنيص، والشخير والسحيل والنهيق من أصوات الحمير، نسب المآثر إلى الخانق وهو موضع لأن فيه سدَّا جاهليّا والبريد السامر دارس الكتاب يقال: عامر الأرض وسامرها أي وعافيها يقال عامرها وغامرها.
خوارجها من جنح ليل داجي ** مخيسات القلص النواجي

مهرية أعيانها سواجي ** حزائقاً بالرُّفق الحجَّاج

نواسلا يرقلن في دمَّاج ** ناجيتها في بعض ما أناجي

ناق صلي التهجير بالادلاج ** مالك عن صعدة من معاج

ما لم تجودي بدم الأوداج ** حتى تزوري البيت ذا الرتاج

عيونها سوداء ابتداء، الرُّفق جماعة واحدها رفقة، ودماج واد يصيب في الخانق ثم إلى نجران، ذا الرتاج ذا الباب.
ثم انسلبن العيس من رحبان ** للحاويات فإلى قضَّان

صعدة يا ناق بلا تواني ** أمِّي إلى مشرعها الريان

صعد سقيت الغيث من مكان ** طاب المقيل لكم إخواني

في رطب صلع وفي رمان ** والقتُّ في أسواقها المجَّان

بها بنى بيت أكيل باني ** ويرسم فرعان من خولان

انسلبن مثل المنسلب من ثوبه ومن بطن أمه، أكيل رؤوس آل ربيعة بن سعد ابن خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ويرسم مسندة دعوتها إلى بني سعد بن سعد وترسمت على مرّ ذي سخيم وهم من الكلاع، والقتّ القضب والمجَّان الرخيص يقال رخيص مجان أي كأنه أخذ بلا شيء، ورحبان والحاويات وقضَّان مزارع من أرض صعدة.
حتى إذا ما حان ترحال وجد ** قلت لداع ناد بالقوم أقد؟

ثم انجرد قد طاب حين المنجرد ** وهمنُّا بالسَّير منها المقتصد

جبجب بيت القرظيّ المعتهد ** فواديا نسرين أو بيت كمد

أميطر مالكم عنه مصد ** وعن مسيل لربيعٍ ذي ثأد

قد حنت العيس بتفراح الطرد ** للسفهة الشرفاء عن غرب السند

يريد ناد بالقوم أقد تأخّروا، والعرب تقول إذا بان لها من إنسان ما تكره: أقد أي أقد بدأت بالشر ويقولون: أقد أي أقد حان الوقت الذي يريدون، والجبجب وبيت كمد ووادي نسرين والأميطر مواضع في شمال صعدة وفي حقلها والثأد من الأرض الندى، ويروي ذي ثمد أي ذي ماء قليل، ويروى ذي تأد أي يتأدّى إليه السيل من مواضع.
يا هند لو أبصرت حسن المنظر ** قلائصاً مثل القطا بحضبر

وفوقها كلُّ خضمّ أزهر ** وكل وغد من نعاس موقر

رمي الكرى ناظره بمسهر ** فهو ولم يعور كمثل الأعور

يدعو إلى الكرِّ به كالأصور ** يا هند لولا معشرٌ لمعشر

بقوّة الله الأعزّ الأكبر ** ما قفلوا با هند حتى المحشر

حضبر موضع، والأصور المائل الوجه إلى قفاه إذا أملته والشابّ الجميل يصور النساء إليه أي يميلهن إليه.
دع ذا وراجع بالقلاص الكوم ** دلعان واحدرها على سروم

من مطرات الحجر المأموم ** أعني بريداً حسن التقويم

تبدّلت بالشيح والقيصوم ** والرِّمث والسينام والأسنوم

طيَّ فيافي البيد بالرّسيم ** ما شئت من داوية ديموم

قد قطعت والقوم في وجوم ** دون مسيل التمرة السجوم

دلوع مرفوع اللاّم جبل قبلة صعدة وسروم هذه هي سروم السُّرح من بني جماعة من خولان، والمطرات موضع، والشيح والقيصوم والسينام والأسنوم عضاة مما ترعاه الإبل معروفة، في وجوم أي في سكوت، وجم سكت فهو واجم لا ينطق.
ومن ظبينٍ ذي الثرى والرحض ** تؤمُّ امّاً بركات العرض

إلى الحميل نهضاً ما تغضي ** ثم على العرض الصغير تمضي

ما شئت في القوم غداة الركض ** من لحج نكسٍ وملث دحض

وممسك بخلا وموفي قرض ** ومظهر ودَّا ومخفي بغض

وقلص يفحص متن الأرض ** لا يشتكين وضين الغرض

ظبين موضع، وبركات العرض مواضع سوائل، والعرض واد يصب إلى نجران، ولحج: عسر ضيق، والغرض البطان، والعرض بلد بني ثور من خولان.
تؤمُّ أمّاً واضح الطريق ** بالعرقات متلف الغريق

ثم على الثعبان فالمقيق ** حيث البريد ملصق بالنيق

تؤم سجع الوعث والمضيق ** أمّا على وجناء كالفينق

مجمرة بالسير ذي العنيق ** للجدليّات على التوفيق

ثم على القطّار ذي النقيق ** للبردان الحسن الأنيق

العرقة نقيل في عرقة على واد فيه ماء كثير فإذا زلّ إنسان من هذه العرقة- وهي كالروقة المشرفة- وقع في الماء عن بعد بعيد فإذا سارت بها الإبل كان إحدى كفتي المحمل مطلة على الهواء، وسجع والثعبان والمقيق والجدليات مواضع، والقطَّار ماء يشل من صفان إلى البردان نصبة وهذه المواضع بين بني جماعة وبين بني حيف من وادعة.
واعتلت الشقرة بعد الّراكبه ** بحمد ربي لم تصبها ناكبه

وعمدان قد طوت مناكبه ** وحضن الشيطان جابت جانبه

لمسجد لخالد مقاربه ** ثويلة الأنجد فيها قاربه

مرّاً إلى محذا النعال دائبه ** ثم مضحَّاها غداً بثائبه

إن شاء ربي لم تربها رائبة ** رب اثب قولي بحسن العاقبه

الشقرة والراكبة وعمدان وحضن مواضع، والثويلة عقبة، ومسجد خالد تحت الثويلة عليه حواء بلا سقف، ومحذا النعال وثائبة مواضع كلها لبني حيف من وادعة.
ثم طوت أنجد معرضينا ** طيَّ يد الشحاحة المنينا

تغشى إلى مهجرة الحزونا ** حيث ترى بريدها رهينا

ثم أمرت القوم أجمعينا ** تعوَّزوا القوت الذي يكفينا

وأصدروا العيس فقد روينا ** ثم اتركوا شرقيها يمينا

وفداً بحمد الله آمنينا ** غادين بالرضوان رائحينا

معرضين موضع في بلد وادعة ومهجرة قرية في المنضج، والشحاحة اللئيم يفتل الحبال أخرجه على فعالة، والمنين جماعة أمنّة الحبل ونص منين، ويقال المنين هو المنّة نفسها.
ثم اندهوا خوص المطايا الوسَّج ** إن مضحَّاها بغيل المنضج

مالك بالظليف من معرَّج ** فاطّلبي لوعثه من مخرج

تصبّحي الماء صباح المدلج ** ثم اشربي ريا بعذب حشرج

لا كدر الشَّرب ولا مزلج ** ثم اصدري منه لسد المنهج

كأن رحلى ذا العشاء المدمج ** شد على ظهر الظليم الأخرج

غيل المنضج غيل عليٍّ من وادعة. المنضج نقيل عظيم، والظليف جبل في رأس المنضج وسدّ المنهج قصدك يقال: أغن سدَّك وأنا أغني سدِّى أي جانبي، والخرجة لون من ألوان النعام سواد في أقل منه في البياض.
ثم انجردن العيس ناجيات ** مثل السِّعالي بأقاويات

أو كالقطا الكدري قاربات ** إلى شتات متواهقات

يجتبن وجه الأرض ذا الموماة ** للفيض من ريَّة عامدات

من الطلاح متطلعات ** إلى بريد الصخر من ثلاث

رحن بحمد الله سالمات ** يا رب سلمها من العلاّت

أقاويات أنجد يمثل ببردها، وشتات وثلاث وريَّة مواضع، والطلاح موضع طلحة الملك، وكل هذه المواضع في بلد وادعة من همدان وهي من أحواز أرينب.
أقول لما أخذت جلاجلا ** فضمها والوعث والجراولا

كالشفتين ضمتا الأناملا ** يا رب بلغنا بلاغا عاجلا

رب وعودنا بخير قابلا ** وق الردى من كان منا قافلا

واغفر لميت يك منا نازلا ** وبلغ الركبان والرواحلا

وبلغ الخيرات منا الآملا ** عاجلها يا ربنا والآجلا

جلاجلا واد ضيق يقول لما أخذته فضمها بضيقه مع الوعث والجراول التي فيه وهو جرول يمره، ثم شبههن بالشفتين إذا ضمتّا الأنامل وهذا مثل قول زهير:
فهن ووادي الرس كاليد في الفم

لميت يك منا نازلا: أي لكل ميت نمرُّ بقبره ونحن ركابا؟ وجلاجل آخر بلد وادعة.
ماذا ترى في القلص الرواسم ** يمعجن في أكناف ليل غاشم

يبدرن من مختلف الزحائم ** لمنشري عقدة بيت ناعم

يفحصن بالأخفاف والمناسم ** راحة عن يسرى البريد القائم

نواسلا بالخبت كالنعائم ** بالقوم من يقظان أو من نائم

أفضى إليه وهج السّمائم ** فهو على الواسط ذو هماهم

المعج ينعت به سير الحيات، وليل غاشم أسود يقال: قم بغشمة من الليل أي سدفة ظلام، واغتشم القوم أدلجوا بسواد، والمختلف من ديار سنحان من جنب ويسمى الحمرة والمنشر وسمي بهذا الاسم لما التقت فيه مذحج وقضاعة ونشروا فيه جميعهم أي تصافوا فيه للقتال، والعقدة رأس الوادي وادي سروم وادٍ ذو زرع وكرم وعضاه من عضاه الثمار، والواسط واسط الكور وهي المضبة التي في صدر الراكب.
قلت لها ف يجنح ليل أسدف ** وهي ترامي صفصفا عن صفصف

تطوي من الجنب طواح النفنف ** بمارنٍ ذي منسم موظف

وعضد لمَّت وإبط أجوف ** وحارك فعم وهاد مشرف

ومشفر رسل وخد أكلف ** صلت نما فوق صبيٍّ مرهف

وورك عبل وساق أهيف ** لما علت في عقبات الشفشف

أي تطوح النفنف، موظّف عظيم الوظيف، والصبي ما نتأ من اللحي في موسطه، وذكر الساق واجتزأ عنها بتأنيث العضد، والشفشف عقاب في بلاد عبيدة من جنب.
عيرانة كالبازل الهمرجل ** تطوي الصوى منها بخف معمل

في أينق مثل النعام الجفل ** مهرية السّرّ؟ حسان الأرجل

بفتية مثل الرماح العسَّل ** فكم طوت من قيِّ مرت مجهل

ومنقل ومنقل ومنقل ** تعسف بالأخفاف صم الجندل

تعسَّفا بعد منام الغفل ** إلى الجميلين بلا تأمل

بخف معمل أي غليظ ويقال في يكل شيء يكون محكما وثيقاً: مُعمَل ومعمل مارن على كثرة السير وأنها لا تقف على رحلة، الجميلان جبلان فيهما عقبتان من بلد بني عبيدة، بلا تأمل بلا تريث تأمل أمره تلبث فيه.
يا ناق سيري واسمعي كلامي ** ما إن لنا بالفرَّع الرضام

من وطر يقضى ولا مقام ** أمي باخفاف وطرف سام

عراعرين أيما ائتمام ** من بعد إيضاع بذي الرمرام

للوعر الطرفاء والآكام ** حيث البريد واثن المقام

قد غادرت فرجة باعتزام ** للثجة الماء العظام الطامي

الفرع والرضام صخر بعضه مرتكم على بعض كما يقال في المرتكم ركام، وعراعران موضع، وذو الرمرام والفرجة بئر، والثجة منهل.
طوت عفارين ووادي الخنقة ** وذات عشٍّ بزماع معنقه

حيث البريد صخرة موثقة ** وعن مسيل طرب مشرقه

ووعث حيثان تغشى طرقه ** تنساب في ظلمة ليل مطبقه

شويحطات كالنحوص المطلقه ** وجناء كالفحل الهجان معرقه

مرَّت بصفعان تغشى سملقه ** جرميّة مهرية مخلقه

عفار موضع والخنقة وطريب موضع طيئ الذي انتجعوا منه إلى الجبلين وجبثان وصفعان مواضع، وصلفاع جبل أيضاً في الناحية.
للسُّهب ذي السِّبسب من ذات القصص ** أمّي إلى الميل إذا الميل شخص

بمشرف كالجذع ناج من قعص ** يا ناق سيري ليس حين المرتبص

تنصاع والعيس يزاولن المحص ** تزايدا حين المطايا تنتقص

تحامل الجون الرباع المقتنص ** مارن الأخفاف لا تحذي العرص

بهن تعلو السهب ذا المرو الأحص ** إلى الكتينات طريقا قد كحص

ناج من قعص سليم من عقدة وهو انحناء العنق إلى ناحية الحارك، والجون الحمار الذي أفلت عن سهم القانص، وتحامل نضابه محله؟، وكتنة قرية، وذات عش موضع فيه قبور الشهداء لا أدري في ي وقت قتلوا، وذات القصص قاع وجبل، كحص: درس.
سيري إلى كتنة سير الجدِّ ** قصداً، وليس الجور مثل القصد

أمّي مع الوفد طريق الوفد ** أمِّي إلى ماء رواء الورد

حيث بريد الصّخرة الصَّلخد ** يا كتن ذات الرُّجمات الجرد

أسقيت تسجام السحاب الرُّمد ** من كل ثجَّاج هزيم الرعد

دار بها حيَّا ندى ومجد ** شهران أخوالى وحيُّ الأزد

الرُّجمات جمعة رجمة وهي الرجام مثل الإكام وهي صخرات دون الهضاب في القاع، والرُّمد السُّود، قال رمد على ضمير سحابات كما قال النعام المجفل على النعامات المجفل.
يا هند لو أبصرت بالأعلام ** أيانقا مثل عروق السَّام

يحملن كلَّ ماجد همام ** واري الزناد بردع قمقام

طبٍّ يوجه الحلّ والإحرام ** وكلٍّ ضغبوسيَّة كهام

وغد طباقا ورع نوام ** ضنٍّ بما في رحله جثام

لا يتقي ملامة اللّوام ** فضَّلت أقواماً على أقوام

أيانقا: أي نوقا حمرا مثل عروق الذهب، بردع: رفيع ومنه بردعة السنام وبردعة النبع، طبّ عالم بالحلال والحرام، ضغبوسية يريد ضغبوساً أي من دون الناس، يقال للفحل إذا لم يهتد للضراب عياياء طباقاء.
إذا انتحوا بالقلّص الشَّمرذله ** أعيبلا يغشون غول الغوَّله

للقاعة الشهباء منها زلزله ** والشعب قد جابت بليل أسفله

فكم طوت من منزل ومرحله ** ومهمه قيِّ وتيه مجهله

ومنهل صعب ووعث جروله ** نواسلاً دخَّله فدخّله

حتى أتت يعرى نواج معمله ** وتحت رحلي عنتريس عنسلة

أعيبل موضع من القاعة والقاعة من ذات عش إلى بنات حرب، زلزلة أي تزلزل بوهصهت بالأخفاف، مجهلة مضلة وغفل لا علم فبه، دخّله أوساطه فأوساطه ويعرى واد لجليحة من خثعم فيه نخل وآبار، قيّ من القواة ومنه جعلناها تذكرةٍ ومتاعاً للمقوين.
ثم بيعرى غير ماكثات ** إلا بسقط الواد شاخصات

أواكلاً قوتا وشاربات ** عند بريد الصَّخرة الصّفتات

ثم ترامت بأقيعيات ** مثل الصيار الخنس فارطات

لأطب في السير مطنبات ** يبمبماً للورد قاربات

فشاربات ثم صادرات ** بالقوم إذ هبّوا مبادرات

الصَّفتات المنفرد من هذا قيل رجل صفتات أي طمل لا شيء معه ولا عليه والصفتات الجسيم أيضاً، والصيار لغة في الصِّوار، فارطات أي موليات، لأطب موضع وبعض العرب تسميه طبي، هبوا من النوم انتبهوا.
بالخبت من ذات السلام المسهل ** بها بريد من صلاب الجندل

أخرس مسؤول وإن لم يسأل ** بينَّ ما فيه وإن لم يعقل

لأشبٍ فراحةٍ فجلجل ** قد غادرت نجرا رويَّ المنهل

لبني ددٍ بالوخد والترسُّل ** إلى بريد الصخَّرة المجدّل

تؤم هرجاب بسير معجل ** إلى بنات حرب لم تعدل

ذات السلام موضع، أخرس مسؤول يريد أن على بريد كتابا ينبيء أي بريد هو من العدة، أشبٌ وراحة، وجلجل، وابنا ددٍ مواضع، وهرجاب، موضع سوى هرجاب رداع الذي ذكره، بنات حرب قرية، وقد يوجد فيها من الذهب شيءٌ، وهو وادٍ فيه نخلٌ وآبارٌ، ونجر وادٍ فيه بئران، وإلى نساء نجر المثل: قال صدرت منه ولم تنزحه، وهو روى ما كان.
حتى إذا ما ارتحل النزول ** فجلُّ همِّي رحلك المحلول

ومن صنان شعبه المهول ** فانجردت حرف بها نحول

عن نكبة الشعب لها نسول ** للربضات حيث تلفى الغول

بها بريد الصخرة المجدول ** وانجدٌ حفّت بها السهول

ما إن بها زرع ولا غيول ** إلا السَّعالي الذعروالهذلول

صنان شعب بالقرب من بنات حرب، ويسمى لحي لجمل، والربضات موضع بين جبال به رضائم عظام كالآطام الكبار، وهي من صخر مرتضم بعضه على بعض، وبها سُمي الموضع، وهي مذعرة للإبل، ويمثل بغول الربضات وقد سرتها غير مرَّة ليلاُ ما آنست بها ذاعرة. وقد يقولون: إن سفراء اليمن كانوا إذا باتوا بها خرج في الليل من يطرح جمر النار ويدعو ببعض من يعرف من السفرا فيخبره عن أهله وعن أشياء يعرفها وينكر صوته، والأصل في ذلك أن بعض من كان قبلنا قد نظروا بها الغول والغيلان من الوحش المستشنع، وكذلك العدار، وهو الأيم، والهذلول الذئب، يسمى بذلك لهذلانه.
ثم لها بالبسط الميساع ** زماع سير أيما زماع

قد غادرت بالوخد والإيضاع ** حصاصة العرفط ذي الأقراع

مرمدة منها إلى تلاع ** حيث البريد لا يجييب الداعي

سل الجوى عن قلبك الملتاع ** عن بعض ما أنت لهند راع

دعاك من وجد بهند داع ** في النوم والعيس على أطلاع

البسطان موضع، والإيضاع من نعت السير السريع، وغادرت تركت، ومنه: {لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها}، أي لا يترك، والحصاصة وتلاع موضعان، وكان الوجه لا يجيب الداعي مفتوحاً فتركه على كسرة وحمى الإعراب بالألف واللام.
للجسداء شُخَّصاً للماء ** فشفنى شوق إلى هيفاء

حوراء بكر رشدةٍ غرَّاء ** خمصانةٍ بهكلة شنباء

كالدرُّ تجلو سدف الظلماء ** طافت برحلي في دجا طخياء

فقلت لما ثاب لي عزائي ** للقوم حثُّوا العيس للنجاء

وخداً إلى اغلب فالرخاء ** ثم الغضار فالى الميثاء

الجسداء منهل فيه بؤور، والأغلب والمرخاء موضعان، والغضَّار مثقل الضاد فخففه، وعقبة الغضار مخنق مضيق، والميثاء موضع، وكل هذه المواضع من يعرى لخثعم.
حتى إذا أوردتها رنوما ** واديها والمنهل المعلوما

حيث البريد لم يزل مأزوما ** ألقت صهيّاً خلفها مذموما

قودا تشكي اين والسؤوما ** يتبعن جلسا عيهما عرهوماً

تؤم قصد الكعبة النجوما ** ناهجة منهجها المأموما

نجاد ثور ضمرا سهوما ** يجشمن منها المعدن المجشوما

رنوم: منهل فيها بئر طويلة قال الراجز فيها:
إن رنوماً قطعت حبالى ** وتركت كل جديد بالي

صهيّ موضع، ونجاد ثور بها معدن بيشة بعطان معدن الذهب.
ثم ببعطان بواجي الوسج ** تؤم من بيشة وادي ترج

بملطس ذي منسم أزجٍّ ** شجَّابة الموماة أيّ شجّ

تعلو به النهقة ذات الفجِّ ** حيث بريد الصخر مثل العلج

بذي سمار غير سير المرج ** تعسف تهجير اجيج الرهج

لأقب يخشى فوات الحج ** يا ناق أمي القصد لا تعوجي

بعطان بلد لخثعم ينسب إليه بيشة وهو أحد أعراض نجد الكبار، وترج مثله أودية سباع، وهو وادي نخل، وكلاهما ذوا آطام، والنهقة نجاد وعقبة، وذو سمار موضع بين ترج وتبالة وإليه ينسب جن سمار وإلى جنب عرابات، الأقب المقارب لأن ينال.
ثم على ذات الدماغ ياله ** من مهمه يغتال من أفضى له

يعلو إلى سهوة جباه ** وعث الحزينات يغشى حالة

يعلو بريد الصخر لامحاله ** قلت لعنسى أيما مقاله

وهي تحث الرّسل بالرّحّالة ** مثل البغيّ الطفلة المختالة

ذات الدماغ، والحذينات موضعان إلى جنب ذي سمار، تحث تبسط بالرسل من السير، ومن ذلك حث البعير أخرج سيره جمعا، واستعار الرحالة في الرحل، والرحالة تكون للخيل، وهي سروج البادية، هذا تفسير أبي عبيد، وأقول: إنه وهم علىالرداعي لأن الرداعي أعرف من أن يقول الرحالة في الرحل، وإنما قال الرّحّالة كما يقال للناسب والعارف نسابة، وعرافة، وجخافة، وثقالة، ونمامة، وهيابة.
فوردت بالسير ذي الإمضاض ** في تمك بوك وفي أنقاض

يوضعن في اغضف داج غاض ** يلقين نضحاً بسلا الإجهاض

يشرعن في ذي جدول فضفاض ** للبردان مترع الحياض

فقلت للقوم على ارتماض ** لدى مقيل غير ذي إيفاض

حلّوا رؤوس العيس للرياض ** يعسفن منها رمض الرّضراض

أخرج جماعة بائك على بوك اتباعاً لتمك وجماعة بائك بوائك، وكأنه ذهب إلى أن واحدها أبوك وبوكاء، وقد جاء في مثل هذا حائل وحول وحوائل، البردان قليب بتبالة طيب الماء عذبه، وكذلك تبالة قرية فيها التجار، وإليها الجهاز، وكان فيها نخيل وغيل، وكان أكثر ساكنها من قريش، فخربتها البادية، والجدول هو الغيل، ورياض الخيل موضع يسمى بذلك.
فاخلولقت مثل القطا القوارب ** بالقوم وخداً ذهّب الركائب

نجائب ضمت إلى نجائب ** يخضن عرض الأرض ذا المناكب

في مطلخم خضل الجوانب ** خلافة الماء النضيض الناضب

حيث بريد الصخرة المجانب ** قد عفن منها كدر المشارب

فكم طوت من أوجه السباسب ** جّراً تعاطى أقرن الثعالب

خضل بارد الطرفين نديّهما وليل خضل أيضاً، إلا أنه ذو غيم وداجن، خلافة بئر، نضيض قليل ومن هذا قيل ما نض معك أي ما حصل معك، والمجانب نعت الصخرة كالمرأة المفارق والمخالب والمدابر، وجرا وأقرن الثعالب إكام.
ثم انتحت بالحشد المدالج ** معصوصبات القلص النواعج

إلى القريحا سدد المناهج ** يشرعن في مشرعها الصهارج

مدنّيات غير ما عوامج ** يبغين منها قذف المخارج

يخضن هجرا كأجيج المائج ** أنيفتي أميلح المدارج

حيث البريد كالمسجى البائج ** وتحت رحلي لفنيق الهائج

القريحا منهل ومعلف وكان فيه قرية خربت وهو على وادي رنية، أجيج الهجير احتدامه وسعار تراه كالسراب وكالموج، وأميلح جبل، والمدارج نجاد، والبائج الساكن الذي لا حركة فيه ومن ذلك قولهم: حزنه أمره فباح أي كأنه مات من حيرته وسهوه، والمائج من الموج.
وجناء تنضاع انضياع الجاب ** عن نعبان الزاجر النّعّاب

لأجرب ذي المنهل العباب ** عذب نطاف الورد للشراب

صادرة منها إلى أعباب ** ترمي الحص الوعث ذا الحزاب

بمارن عاف من الإنقاب ** ثم كراع الباب أي باب

باب صخور الحرة الصلاب ** يا رب سلمها من الأوصاب

تنضاع تسرع، الجاب: الحمار حمار الوحش، نعاب من نعيب الغراب، أجرب منهل فيه بئر، أعباب موضع، الأحص من الحصاص وهو الحصى لا من الأحص الأقرع لأنه قد ذكر أنه ذو حزابي، عاف معف، كراع الحرة باب منها مقلوع صخوره للطريق ويقول الصنعانيون ولا أدري أبإسناد أم غيره فيسهل فيها الطريق وهذه حرة يجد ويخرج منها في الوقت الذي يدخلها على سير الحمولة، قال الراجز:
حرة نجد لا سقيت المطرا ** من الكراعين إلى وادي كرا

وقال آخر:
ياحر ذات الوعث والجراول

لسوف نعلوك بكل بازل

حتِّ الفروج ليّن المفاصل

ثم انسرحن العيس ينفخن البرى

يصلن بالتهجير أسباب السرى

لذي فضين ذبلا منها الذرى

خوصا براها من سفار ما برى

ثنية الحرة عنها غيِّرا

حيث البريد جازه عير الفرا

ثم على الرفضة تأتم كرا

ثم بشريانة لا حيث القرى

ثم راخا إذ تعد كركرا

بها ترى ذاك البريد الأغبرا

ذو فضين موضع بالحرة وثنية: يريد من الحرة، غيّرا جماعة غاير أي ماض لوجهه ومنه قول الجاهلية أشرق ثبير كيما نغير ومن ذلك السهم الغائر، عير الفرا حمار الوحش مهموز فترك الهمزة، براح موضع من الحرَّة، والرفضة موضع منها، وكرا واد في الحرة عميق فيه نخل وماء وهو من مغاوض الحمير ينزل إليه بعقبة ويصعد عنه في أخرى، والشريانة موضع من الحرة مطمئن ذهب السيل فيه مرة ببعض رفقة صنعاء فسميت سنة الشريانة وكان أصابهم طوفان ولو كانوا بكرا ما نجا منهم أحد، وكركر موضع في الحرة أيضاً.
ثم الكراع ولهن ريده

ينسلن للمعلف من أبيده

لورده قاربة عنيده

لمنهل قد أمنت تصريده

تمد نأي مده عتيده

تحتي نياق أحد تليده

عيدية عيرانة معيده

من الرقيق قد طوت بعيده

وغادرت مجدلا بريده

مياسة في وخدها شديده

الكراع الثاني من جانب الحرة الآخر، ريدة إرادة كما يقال من إدارة وتقول العرب: أعندك ديرة أي حيلة، أبيدة ما بين الحرة وناهية وبها واد عظيم من أعظم أعراض نجد يسمى تربة إذا سال مدة الرقيق: موضع.
لا تتشكى ألم الإيغال ** ولا اعتساف الليل ذي الأهوال

قد دعست ورقة باحتيال ** ثم انتحب كالشحج الصلصال

أقاويات الحزن والرمال ** ثم ضهاء عجل الأعجال

فناهيات فضرا الإجلال ** فخلقانا ثم ذا غزال

حيث بريد الصخر ذو الأميال ** والماء عذب مترع السجِّال

ورقة وأقاويات مواضع الأولى أقاويان أيضاً وضهاء وناهية وضرا الإجلال وحلق وذو غزال مناهل ومواضع قفرة، والشحج حمار الوحش.
ثم انتحت بالسير منها المطنب ** إذ سمعت تهزاج حاد ملهب

لمسحب تجتاز أعلى مسحب ** إلى غرابات القرين الأنصب

ثم الخريداء بوخد متعب ** ثم إلى صفن روى المشرب

لا كدر الشرب ولا مطحلب ** ثم على ركبة مر الأركب

حيث بريد الصخرتين الأشهب ** صغرى كأمثال القطا المسرب

ملهب مجدّ في حدائه، ومسحب موضع يسحب فيه الصراور من الناس وقد يستعدون نفوسهم في محجة منه واحد أيضاً والصرّوة من لم يحج والصروة من لم يتزوج النساء والغراب قرن منتصب، والخريداء أرض واسعة، وصفن منهل تأتيه الأعلاف من أمطار ناحية الطائف، قال ابن أبي فضالة:
إذا أردت الغبن كل الغبن ** فامرر على الرزق من أهل صفن

وركبة وقد ذكرها هي وذا غزال وأما غزال فبناحية عسفان وفيها يقول كثيّر:
أناديك ما حج الحجيج وكبرت ** بفيفا غزال رفقة واهلت

وما كبرت من فوق ركبة رفقة ** ومن ذي غزال أشعرت واستهلت

الأركب: جماعة
قلت لها في مطلخم طاخ ** لدى مناخ أيما مناخ

لأوقح ذي المنهل الوضاخ ** يا ناق همّ الشهر بانسلاخ

فأزمعي بالجد لا التراخي ** فانتهضت بمشرف شماخ

كالجذع جذع النخلة الشمراخ ** كأم أفراخ إلى أفراخ

عن ذي طوى ذي الحمض والسباخ ** قاربة للورد من كلاخ

أوقح منهل على واد عذب الماء وقيل لعليل من أهل صنعاء وهو في منزله ما تشتهي؟ قال: شربة من ماء أوقح، وكلاخ واد ماؤه ثقيل ملح وكل هذه البلاد من تبالة إلى نخلة ديار هوزان فيها من كل بطونها، ذو طوى موضع وذو طوى بمكة أيضاً.
يا هند لو أبصرت عن عيان ** قلائصاً يوضعن في جلدان

بالقوم من يقظان أو وسنان ** وكل صلت ثابت الجنان

أروع مفضال على الإخوان ** لا ثلب خبّ ولا منّان

وكل نكس حضر ضنان ** معمم بالذم ضبِّ وان

جمّ الخنا نوامة حيران ** علمت من ذو الفضل في الركبان

جلذان موضع قاع واسع، خب ثقيل يقال هو خب ضب.
إذا انتحى القوم على الخوص العنق ** عن ذات أصداء سنامي الفنق

العيدهيّات العياهيم السحق ** وقد طوت حنطوة الخرق الأمق

حيث بريد الصخر عن غرب الطرق ** أقول للبارق وهنا إذ برق

لوامض البرق اليماني المؤتلق ** أيسر من نعمان إذ شقَّ الأفق

هيجت أشجاناً لذي شوق علق ** وانتحت العيس المواسيق الوسق

ذات أصداء موضع، والفتق معلف، السحق الطوال من الإبل والنخل ومنه قيل هواء سحيق أي بعيد والعيدهيات الهاء مزيدة، نعمان فوق عرفة من أرض نجد؟ والحنطوة موضع وكانت مرحلة أهل صنعاء قد أصيبوا بها سنة فقيل سنة الحنطوة.
فقلت لما ثاب لي احتفاظي ** والقلب فيه شبه الشواظ

سل الهوى عن قلبك المغتاظ ** والعيس تطوي الأرض بالمظاظ

مشفقة من زاجر كظاظ ** مسهلة للخبت من عكاظ

طوت فجاج الأرض باندعاظ ** بمجمرات صلّب غلاظ

بفتية لا فحّش فظاظ ** لا بل رواة صدق حفاظ

المظاظ من المماظة وهي المغاشة والمشاقة، عكاظ بمعكد هوازان وسوق العرب القديمة وهي لبني هلال اليوم، والاندعاظ الاندفاع، والمجمر الخف المستدير الصليب الجوانب.
فانجردت بالرفق العصائب ** عيدية مفعمة المناكب

تاركة قرَّان للمناقب ** بحيث خط الميل كف الكاتب

وشرّبا في جنح ليل واقب ** بكل محض حسن الضرائب

يدعو إلى الله دعاء الراغب ** من مشفق من ذبه وتائب

يقول والأمر إلى العواقب ** يا رب هب لي أحسن المواهب

المفعم الممتليء، قرَّان وشرب مكانان من أرض عكاظ وقران هذا غير قران اليمامة، وقران الجوف جوف أرحب، وهذه المواضع من الجرداء ويضرب على مشرق جميع هذه المواضع جبل الحضن من المحجة على يوم وكسر ثم ضرب الناس من قرَّان وشرب ذات اليسار فعلوا رأس السراة وهو المناقب خمس عقبات منها الغمضة وغيره فانحدروا فيها وسقطت بهم على قرن الحرض وهو الذي وقّته النبي عليه السلام لأهل نجد ولأهل تهامة يلملم ولأهل الشأم ومصر الجحفة ولأهل العراق ذات عرق.
حتى إذا أدنى الكاب مدني ** بقوة المنعم لا بالوهن

استبدلت بالخوف دار الأمن ** وجاءت الميقات وادي قرن

ومسجدا حف بزي الحسن ** به يهل الحج قبل الركن

والمشعرون البدن أهل البدن ** ويزجر المرفث كي لا يخني

ويترك الفسق الذي لا يغني ** وجدل القول الذي لا يعني

بقرن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبئره وهو واد ونخل وحصون وهو على رأس البوباة.
ذاك إذا القوم بقرن يمموا ** فاغتسلوا بالماء أو تيمموا

وقلدوا الهدى كما قد عُلموا ** وأحرموا وأشعروا فأعلموا

ونشر البُرد اليماني المعلم ** للقوم ثم استقدموا أو قدموا

حتى إذا قضوا صلاة سلموا ** ورفعوا أصواتهم فأحرموا

ومجدوا ربهم وكرموا ** واستغفروا خالقهم واسترحموا

قال: ونشر البرد هو يريد البرود كما تقول العرب: قل الجمل وقل الثوب وغلا الثوب وعز الدينار وهم يروون غلت الثياب وقلّت الجمال وقلت الدنانير.
هذا وهم في مسجد الميقات ** ثم استطفوا فوق يعملات

حتى إذا ما ثرن مجبوبات ** لبوا جميل الصنع ذا الخيرات

بلغة من أحسن اللغات ** بحاً وشعثا رافعي الأصوات

مفضين بالمسير إلى البوبات ** قولهم يا قاضي الحاجات

اغفر لنا يا سامع الدعوات ** واعف عن الأحياء والأموات

البوباة أرض منقلة إلى وادي نخلة ومصعدها إلى قرن كثيب لا تكاد تعدوه الرذايا والأنضاء، مجبوبات قد أكلت الرحال من أسنمتها والواحدة جباء والذكر أجب ومن الناس مجبوب.
ثم اعتزمن العيس بالتصميم ** عوائداً للمسجد المعلوم

قواصداً للكفو فاليسوم ** إلى بريد الصخرة المأزوم

والقوم في التمجيد والتعظيم ** يرجون عفو الغافر الرحيم

ومنزلاً في جنة النعيم ** بعفو رب واسع كريم

والعيس في ذي طخية بهيم ** على سبيل الحق مستقيم

المسجد المعلوم مسجد إبراهيم عليه السلام إلى رأس وادي نخلة ينزل الناس فيصلون فيه ويدعون، والكفو واليسوم جبلان بنخلة، والبهيم الليل لأنه في رأس الشهر متحير بظلمة على الطريق.
لضيعة الطلحيِّ مستقيمه ** صادرةً عنها تؤم الزيمه

ثم على سبوحة القديمه ** حيث بريد الصخرة المقيمه

مطنبة في السير ذي العزيمه ** إلى أريك تعتلي صميمه

حميدة في الركب لا مليمه ** باقية أعراقها كريمه

إني لأرجو أن ترى سليمه ** محمودة في الركب لا مذيمه

ضيعة الطلحي من قريش نخل قديمات الزيمة موضع فيه بستان عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، وكان في أيام المقتدر على غاية العمارة، وكان يغل خمسة آلاف دينار مثقال وفيه حصن للمقاتلة مبني بالصخر ويحميه بن سعد، من ساكنه عروان، وعدد جذوعه ألوف، وفيه غيل مستخرج من وادي نخلة غزير يفضي إلى فوارة في وسط الحائط تحت حنية إلى مأجل كبير وفيه الموز والحنا وأنواع من البقول، وسبوحة موضع، وأريك عقبة تضاف إلى مكان فيقال عقبة أريك بضم الألف واريك بفتحها الذي ذكره الأعشى بناحية أوارة والطريق حينئذ من رأس المناقب إلى مكة مستقبلة ما بين المغرب والجنوب تكون الشمس عاشيا على صدغك الأيمن.
ثم انتحت وخداً على انكماش ** بئر الجذاميِّ باحتياش

إلى حنين المنهل الجياش ** حتى إذا أفضت إلى المشاش

حيث بريد الصخر لا تحاشي ** عجت بتحنان لشوق غاشي

وادَّكرت للإلف والمعاش ** مالكئاً بالعرش كالعشاش

فالحول من نشوة فالأخشاش ** مواطن الأكلاء والأنفاس

على انكماش على سرعة يقال هو فرس كميش الجري أي سريعه، وآبار الجذامي بئر معمورة، والجذامي من أهل مكة، باحتياش باجتماع وحاش الصيد جمعه، وحنين هو الذي كانت به وقعة حنين بين النبي وبين هوازن، المشاش موضع يلتقي فيه محجة اليمن ونجد ومحجة العراق والبحرين، والعرش والعشاش ونشوة الأخشاش مواضع برداع والإنفاش للغنم والإرعاء للإبل رعي الليل.
ثم بنجد الحل فالصفاح ** لها انسراح أيما انسراح

في وهج حر ذي سموم ضاحي ** وخدا إلى فوَّاره الممتاح

والشرع الريان لا الضحضاح ** في الحرم الآمن لا المباح

أدعوك يا ذا المن والإصلاح ** يا ربنا يا فالق الإصباح

حرم من الأبدان والأرواح ** من جاء لا يبغي سوى الصلاح

نجد الحل الحد بين الحل والحرم، والفوارة على مظهر الغيل الذي يصب إلى بركة زبيدة بمكة وعلى الفوارة بناء عظيم بنته زبيدة بنت جعفر بن المنصور امرأة هارون وأم الأمين.
ثم لشعب السدرة الكبير ** لها مسير ليس بالتغرير

إلى حراء فإلى ثبير ** لبئر ميمون بلا تقصير

ثم لشعب الخوز تحت البئر ** عن شعب جرما يسرا فجوري

لمستقر الدور ولقصور ** لمنزلي ذي الغبطة المعمور

لابد كل الأمر من مصير ** يا ناق قد أعقبت بالمسير

حراء وثبير جبلان أعلى مكة، وشعب السدرة حيث مسجد المزار وهو أول الأبطح، وبئر ميمون هي بئر أهل مكة القديمة التي كانوا يردونها واحتفرها ميمون بن قحطان الصَّدفي في الجاهلية القديمة وقد كرنا خبرها وسببها في كتاب الإكليل وشعب الخوز بمكة يكون فيه البياعون، وخرما بمكة.
بعقبة في الحرم المحرم ** ألقي به يا ناق رحلى واسلمي

في منزل كان لرهط الأقدم ** ثم عن الحجون لا تلعثمي

إلى جوابيها العظام العُظم ** ثم اشربي إن شئت أو تقدمي

منها لردم السؤود المردم ** ردم بني مخزومها المخزم

حتى تناخي عند باب الأعظم ** وتشربي ريا بحوض زمزم

يقول قد أعقبت بالسير راحة أيام والراحة العقبة ومن ذلك: قوله عقبة الماشي أي ركوبه ليستريح. ويريد بالرهط الأقدم... والجواب مشارع بركة زبيدة لتطامنها، وجوابيها حياضها. وقال باب الأعظم وهو يريد عند الباب الأعظم فأضافه إليه كما قال عز وجل: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} الحبل هو الوريد.
والحمد لله الذي قد أنعما ** سيرنا في أرضه وسلما

حتى أتينا بيته المحرما ** منا فعظمناه مع من عظما

ثم هدانا نسكنا وعلما ** كما هدى قبل أبانا آدما

ثمت طوفنا به تحرَّما ** وسنةٌ يفعلها من أسلما

ثم استلمنا ركنه المكرما ** ثم ركعنا ووردنا زمزما

ثم خرجنا للصفا باب الصفا ** حيث ترى الحجاج تدعو عكفا

ثم على الرهوة رهوا وقفا ** ومنهم بالواد من قد أوجفا

هرولة من بعد مشي رسفا ** يدعون رباً طالما تعطفا

أن يصرف الأنكال عنهم مصرفا ** سعيا تراهم شجبا ووجَّفا

ومنهم من حل من حذفا ** ومفرد للحلق قد تخلفا

انثّ الحجاج على وجه الجماعة، وحل من الإحلال، وجفّ بالدعاء له.
حتى إذا أفضوا من المشاهد ** عادوا إلى بيت مشيد شائد

خط لإبراهيم ذي المعاهد ** ولابنه الصادق في المواعد

إذ يرفعان البيت ذا القواعد ** ويحفران الماء ذا الموارد

فالناس بين شارب وحامد ** وطائف وراكع وساجد

وعاكف لله غير جاحد ** يا ربنا من كاده من كائد

كأنه قال إلى بيت مشيد فأخرجه على شائد كما يقال ليل نائم وعيش ناصب أي منيم فيه ومنصب وعيشة راضية أي مرضية.
فكن له يا ربنا بمرصد ** وزده برّاً وتعظيما يزدد

في مسجد ما مثله للسُّجّد ** ومنهل طام رويّ المورد

عين من الجنة لم تصرد ** أمام بيت شائد مشيد

قد حف بالديباج لم يجرد ** والدر والمردان والزبرجد

وركن ياقوت وبابي عسجد ** فياله بيت مبين السؤدد

يريد منهل المسجد زمزم ويريد كسوة البيت وما يعلق عليه في الشمسية من الجوهر والعسجد والذهب.
حتى إذا ما ارتحل الإمام ** بسنة سن بها الإسلام

وسارت الرايات والأعلام ** عاد لقوم نقضوا إحرام

ثم مضى إلى منى الأقوام ** ثمت أمسوا وبها قد ناموا

حتى إذا ما حسر الظلام ** صلوا بها الفجر معاً وصاموا

طوعاً ولم يفرض بها صيام ** ثم مضوا ما إن لهم مقام

حتى أتوا حيث يكون الموقف ** بعرفات وبها المعرف

يوم به إبليس عاو يهتف ** مما يرى من صرف ما يصرف

من رحمة الله التي لا توصف ** ومن عطاء الله ما لا ينزف

من حور عين في العلى تطرف ** شوقاً إلى أزواجها تشرف

طوبى لأهل الحج يوم أوجفوا ** بصالح الأعمال عما أسلفوا